علي بن أبي طالب
أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي (13 رجب 23 ق.هـ/17 مارس 599م - 21 رمضان 40 هـ/ 28 فبراير 661م)، ابن عم محمد بن عبد الله نبي الإسلام، من آل بيته، وأحد أصحابه. وهو أول الأئمة عند الشيعة ورابع الخلفاء الراشدين لدى أهل السنة.
أبوه أبو طالب بن عبد المطلب أحد سادات قريش، وأمه فاطمة بنت أسد الهاشمية. ولد في مكة، وتربى في بيت محمد، وأسلم قبل الهجرة النبوية، فيعد أول من آمن بمحمد من الصبيان. هاجر إلى المدينة المنورة وتزوج بفاطمة بنت محمد. بويع بالخلافة سنة 35 هـ (656م) بالمدينة المنورة، وحكم خمس سنوات وثلاث أشهر حتى قتل على يد عبد الرحمن بن ملجم في رمضان سنة 40 هـ 661م.
حياته في مكة
ميلاده ونشأته
ولد في مكة في 17 مارس 599م لبني هاشم بطن من قريش وأبوه هو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم أحد سادات قريش والمسئول عن السقاية فيها، ويرجع نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم أحد أنبياء الإسلام. وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وقيل أنها أول هاشمية تلد لهاشمي. [2]
تواترت الأخبار عند الشيعة على أن علي بن أبي طالب ولد داخل الكعبة، حيث يؤكد الشيعة أنه المولود الوحيد داخل الكعبة. وذكر ذلك في بعض المصادر السنية منها المستدرك للحاكم فجاء فيه: «تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة» [3]، وذُكر هذا أيضا في مواضع أخرى من كتب السنة والشيعة [4] [5] [6] [7] [8] [9]. بينما يرى أهل السنة والجماعة أنه لا توجد رواية صحيحة السند في كتب الحديث حول هذه الرواية، حيث ضعف السيوطي سند رواية أن علياً هو الذي ولد في جوف الكعبة وتعقب بذلك خطأ الحاكم [10]، وضعف صاحب كتاب تهذيب الأسماء ما يروى أن علياً هو الذي ولد في جوف الكعبة [11]، كما أن الثابت عند السنة هو أن حكيم بن حزام هو الذي ولد في جوف الكعبة كما أورد ذلك الحاكم والذهبي وابن حجر وغيرهم. [12][13][14]
حين كان علي ما بين الخامسة والسادسة من عمره مرت بمكة سنين عسرة وضيق أثرت على الأحوال الإقتصادية في مكة وما حولها، وكان لأبي طالب ثلاثة أبناء هم علي وعقيل وجعفر، فذهب إليه محمد وعمه العباس بن عبد المطلب وعرضا عليه أن يأخذ كل منهما ولداً من أبنائه يربيه ويكفله تخفيفاً للعبئ عليه، فأخذ العباس جعفر وأخذ محمد علياً فتربى في بيته وكان ملازماً له أينما ذهب. [15] [16] [17]
إسلامه
أسلم وهو صغير، بعد أن عرض النبي محمد الإسلام على أقاربه من بني هاشم تنفيذاً لما جاء في القرآن [18]، وقد ورد في بعض المصادر الشيعية فإن محمد جمع أهله وأقاربه على وليمة وعرض عليهم الإسلام وقال أن من سيقبل سيكون وليه ووصيه وخليفته من بعده، فلم يجبه أحد إلا علي، سمي هذا الحديث "حديث يوم الدار" أو "إنذار يوم الدار" [19]، وعند أهل السنة وردت روايات أخرى عن إسلام علي.
وبهذا أصبح علي أول من أسلم من الصبيان، وقيل أنه أول الناس إسلاماً بعد خديجة زوجة الرسول وإن تضاربت الروايات حول هذا، فالبعض من أهل السنة يعتبرون أبا بكر الصديق هو أول الناس إسلاماً بعد خديجة [2]، وعلي هو أول من صلى مع محمد بالإضافة لزوجته خديجة [20]، وكان قبل الإسلام حنيفاً ولم يسجد لصنم قط طيلة حياته، ولهذا يقول بعض المسلمون "كرم الله وجهه" بعد ذكر اسمه، وقيل لأنه لم ينظر لعورة أحد قط [21]. بقي علي مع محمد حتى هاجر، وقاسى معه اضطهاد قريش له، ومقاطعة قريش لبني هاشم وحصارهم في شعب أبي طالب. ولم يهاجر علي إلى الحبشة في الهجرة الأولى حين سمح محمد لبعض من آمن به بالهجرة إلى هناك.
ليلة الهجرة النبوية
المقال الرئيسي: الهجرة النبوية
بات علي بن أبي طالب في فراش محمد ليلة الهجرة، وتغطى ببرده الأخضر ليظن الناس أن النائم هو النبي محمد وبهذا غطي على هجرة النبي، وأحبط مؤامرة أهل قريش بقتل محمد، وبهذا يعتبر أول فدائي في الإسلام، ويروى بعض المفسرين الشيعة في تفسير الآية القرآنية: «ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله» أنها نزلت في علي بن أبي طالب حين نام في فراش الرسول [22] [23]. وكان محمداً قد أمره أن يؤدي الأمانات إلى أهلها ففعل، حيث كان أهل قريش يضعون أماناتهم عند محمد، وكانوا في مكة يعلمون أن علياً يتبع محمداً في كل مكان، لهذا فإن بقاءه في مكة جعل الناس يشكون في هجرة النبي نظراً لاعتقادهم بأنه لو هاجر لأخذ علياً معه، وبقي علي في مكة ثلاثة أيام حتى أمره محمد بالهجرة للمدينة. [24]
حياته في المدينة
هاجر إلى المدينة وهو ما بين 22 و 23 من عمره، قيل ماشياً حتى تورمت قدماه ونزف منهما الدم [25] [26]، وقيل معه ركب من النساء هم أمه فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت محمد وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب أو ما سمي بركب الفواطم [24]، وحين آخى النبي بين المهاجرين والأنصار، اختاره محمد ليكون أخاه. في السنة الثانية من الهجرة زوجه محمد ابنته فاطمة، وشهد بيعة الرضوان والكثير من المشاهد، وشهد جميع المعارك معه إلا غزوة تبوك خلفه فيها على المدينة وعلى عياله بعده وقال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "، وسلم له الراية في الكثير من المعارك [2] [25].
عرف علي بن أبي طالب ببراعته في القتال، وقد تجلى هذا في غزوات الرسول، ففي غزوة بدر، هزم علي الوليد بن عتبة، وقتل ما يزيد عن 20 من الوثنيين [27]. وفي غزوة الأحزاب قتل عمرو بن ود العامري أحد فرسان العرب وفي غزوة خيبر، هزم فارس اليهود مرحب، وبعد أن عجز جيش المسلمين مرتين عن اقتحام حصن اليهود أعطى الرسول الراية لعلي ليقود الجيش، وفتح الحصن وتحقق النصر للمسلمين. [28]، وقيل إنه اقتحم حصن خيبر متخذاّ الباب درعاً له لشدة قوته في القتال. وكان لعلي سيف شهير أعطاه له محمد في غزوة أحد عرف باسم ذو الفقار [29].
كان علياً أحد كتاب القرآن أو كتاب الوحي الذين يدونون القرآن في حياة النبي محمد، وكان محمد يثق به فكان يجعله يحمل الرسائل ويرسله لدعوة القبائل للإسلام، وأمره محمد بكسر الأصنام التي حول الكعبة [30]. ولاه محمد قضاء اليمن لما عرف عنه من عدل وحكمة في القضاء، فنصحه ودعا له [31]، ثم أرسله إلى هناك سنة 8 هـ ومكث به عام واحد [32].
بعد وفاة محمد
بعد وفاة النبي محمد قام علي بتغسيل وتجهيز جثمانه للدفن، وفي هذة الأثناء اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ورشحوا سعد بن عبادة ليكون خليفة للمسلمين، وحين سمع أبو بكر وعمر بهذا توجها إلى السقيفة وأكدوا على أحقية المهاجرين بالخلافة كما تقول المصادر السنية ودار جدال بينهم، في النهاية تم اختيار أبا بكر ليكون خليفة النبي [33] [34] يروى أن علياً حين سمع بترشيح الأنصار للخلافة أنه قال: «لو كانت الإمامة منهم لما كانت الوصية فيهم» يقصد وصية محمد في الأنصار قبل وفاته. يروى أيضاً أن علياً كان مقتنعاً بأحقيته في الخلافة، وأنه كان يعتقد أن المسلمين سيختاروه في السقيفة [34]، ولكن المصادر السنية تقول أنه تقبل الأمر ورضي بخلافة أبو بكر [35]، بينما يؤكد الشيعة والقرآنيون وغيرهم روايات من كتب مؤرخي السنة أنفسهم تقول أنه بايع كارها وتنفي بعضها مبايعته لأبو بكر [33]، كما يعتبر علماء الشيعة الكثير من الصحابة مرتدين وخارجين عن الإسلام لرفضهم إمامة علي وتخاذلهم عن نصرته باستثناء أربعة منهم عرفوا بالأركان الأربعة، بالإضافة لغالبية بنو هاشم. وتروي المصادر الشيعية أيضاً أن علي بن أبي طالب مكث في بيته حتى جمع القرآن [36]، والتزم التقية طوال فترة حكم الخلفاء الراشدين، كما أنه اعتزل العمل السياسي وتفرغ لخدمة أهله وزراعة الحدائق والبساتين وحفر الآبار التي تعرف حالياً بآبار علي. بينما تؤكد مصادر أخرى علي بن أبي طالب احتفظ بدور كبير خلال عهود الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه، وكانوا يستشيروه في الكثير من الأمور. [37]
طالع أيضا : حادثة السقيفة.
في عهد أبو بكر
بعد أن شيع أبو بكر الصديق جيش أسامة بن زيد جعل كبار الصحابة على منافذ المدينة - ومنهم علي بن أبي طالب - لحماية المدينة من أي اعتداء، كما استشاره أبو بكر قبل أن يحارب المرتدين وأيضاً قبل المضي في غزو الروم وغيرها من الأمور الدينية والدنيوية. [35] تنكر بعض المصادر الشيعية مشاركته في حروب الردة، لكنه شارك في تشييع جنازة أبي بكر.
جدير بالذكر أن علي بن أبي طالب كان في صف زوجته فاطمة في مطالبتها بميراث أبيها، حيث اعتبرا أرض فدك من حق فاطمة كميراث شرعي [38] [39]، بينما تمسك أبو بكر ومعه عمر بن الخطاب بأن الأنبياء لا يورثون وأن ما تركوه صدقة ويستشهدون بحديث الرسول :«لا نورث ، ما تركنا صدقة» [40].
طالع أيضا : الخلاف حول ميراث فاطمة.
في عهد عمر بن الخطاب
كان يستشيره عمر في كثير من القضايا والأمور الفقهية، ويعمل بما يقول علي بن أبي طالب ، يروى أن عمر تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب [41]، ولكن البعض من الشيعة يرفضون تلك الرواية [42]. وعندما غاب عن المدينة لاستلام مدينة بيت المقدس من الروم، عيّن عليّاً نائباً عنه على المدينة. [43] وحين كان يحتضر رشح ستة للخلافة من بعده منهم علي بن أبي طالب. [34] ، وينسب إلى عمر بن الخطاب قوله: «لولا علي لهلك عمر» ، بينما يرى أهل السنة والجماعة أن هذه الرواية ضعيفة [44] وأن هناك رواية أخرى وغير ثابتة في حق معاذ بنفس الصيغة [45].
في عهد عثمان بن عفان
تمت التصفية بين المرشحين الستة الذين رشحهم عمر قبل وفاته، وتم التوصل للمرشحين النهائيين وهما عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، فتم اختيار عثمان في النهاية وقام علي بن أبي طالب بمبايعته وسائر المسلمين. احتفظ علي بن أبي طالب بمكانته الدينية والإجتماعية في عهد عثمان، وعندما وقعت الفتنة طلب منه عثمان بن عفان أن يخرج للثوار فيقنعهم بالرجوع ففعل، ورحلوا لكنهم عادوا فيما بعد وقتلوه، وحين حوصر عثمان في بيته أرسل علي بن أبي طالب ولديه الحسن والحسين لمنع الثوار من الدخول إلى بيته. ووبخهما حين قتلوه معتقداً أنهما تخاذلا في الدفاع عنه وفقاً للروايات السنية [34]، بينما مصادر الشيعة تفسر هذا بشكل مختلف، حيث أن علي لم يكن يريد للعامة التطاول على الخليفة فتصبح سنة للمسلمين كلما اختلفوا مع خليفة قتلوه، وينكر بعضها إرسالة لولديه لحراسة عثمان، فالعلاقة بين عثمان وعلي تعتبر نقطة خلافية بين مؤرخي السنة والشيعة.
طالع أيضا : فتنة مقتل عثمان.
أبو الحسن علي بن أبي طالب الهاشمي (13 رجب 23 ق.هـ/17 مارس 599م - 21 رمضان 40 هـ/ 28 فبراير 661م)، ابن عم محمد بن عبد الله نبي الإسلام، من آل بيته، وأحد أصحابه. وهو أول الأئمة عند الشيعة ورابع الخلفاء الراشدين لدى أهل السنة.
أبوه أبو طالب بن عبد المطلب أحد سادات قريش، وأمه فاطمة بنت أسد الهاشمية. ولد في مكة، وتربى في بيت محمد، وأسلم قبل الهجرة النبوية، فيعد أول من آمن بمحمد من الصبيان. هاجر إلى المدينة المنورة وتزوج بفاطمة بنت محمد. بويع بالخلافة سنة 35 هـ (656م) بالمدينة المنورة، وحكم خمس سنوات وثلاث أشهر حتى قتل على يد عبد الرحمن بن ملجم في رمضان سنة 40 هـ 661م.
حياته في مكة
ميلاده ونشأته
ولد في مكة في 17 مارس 599م لبني هاشم بطن من قريش وأبوه هو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم أحد سادات قريش والمسئول عن السقاية فيها، ويرجع نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم أحد أنبياء الإسلام. وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، وقيل أنها أول هاشمية تلد لهاشمي. [2]
تواترت الأخبار عند الشيعة على أن علي بن أبي طالب ولد داخل الكعبة، حيث يؤكد الشيعة أنه المولود الوحيد داخل الكعبة. وذكر ذلك في بعض المصادر السنية منها المستدرك للحاكم فجاء فيه: «تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة» [3]، وذُكر هذا أيضا في مواضع أخرى من كتب السنة والشيعة [4] [5] [6] [7] [8] [9]. بينما يرى أهل السنة والجماعة أنه لا توجد رواية صحيحة السند في كتب الحديث حول هذه الرواية، حيث ضعف السيوطي سند رواية أن علياً هو الذي ولد في جوف الكعبة وتعقب بذلك خطأ الحاكم [10]، وضعف صاحب كتاب تهذيب الأسماء ما يروى أن علياً هو الذي ولد في جوف الكعبة [11]، كما أن الثابت عند السنة هو أن حكيم بن حزام هو الذي ولد في جوف الكعبة كما أورد ذلك الحاكم والذهبي وابن حجر وغيرهم. [12][13][14]
حين كان علي ما بين الخامسة والسادسة من عمره مرت بمكة سنين عسرة وضيق أثرت على الأحوال الإقتصادية في مكة وما حولها، وكان لأبي طالب ثلاثة أبناء هم علي وعقيل وجعفر، فذهب إليه محمد وعمه العباس بن عبد المطلب وعرضا عليه أن يأخذ كل منهما ولداً من أبنائه يربيه ويكفله تخفيفاً للعبئ عليه، فأخذ العباس جعفر وأخذ محمد علياً فتربى في بيته وكان ملازماً له أينما ذهب. [15] [16] [17]
إسلامه
أسلم وهو صغير، بعد أن عرض النبي محمد الإسلام على أقاربه من بني هاشم تنفيذاً لما جاء في القرآن [18]، وقد ورد في بعض المصادر الشيعية فإن محمد جمع أهله وأقاربه على وليمة وعرض عليهم الإسلام وقال أن من سيقبل سيكون وليه ووصيه وخليفته من بعده، فلم يجبه أحد إلا علي، سمي هذا الحديث "حديث يوم الدار" أو "إنذار يوم الدار" [19]، وعند أهل السنة وردت روايات أخرى عن إسلام علي.
وبهذا أصبح علي أول من أسلم من الصبيان، وقيل أنه أول الناس إسلاماً بعد خديجة زوجة الرسول وإن تضاربت الروايات حول هذا، فالبعض من أهل السنة يعتبرون أبا بكر الصديق هو أول الناس إسلاماً بعد خديجة [2]، وعلي هو أول من صلى مع محمد بالإضافة لزوجته خديجة [20]، وكان قبل الإسلام حنيفاً ولم يسجد لصنم قط طيلة حياته، ولهذا يقول بعض المسلمون "كرم الله وجهه" بعد ذكر اسمه، وقيل لأنه لم ينظر لعورة أحد قط [21]. بقي علي مع محمد حتى هاجر، وقاسى معه اضطهاد قريش له، ومقاطعة قريش لبني هاشم وحصارهم في شعب أبي طالب. ولم يهاجر علي إلى الحبشة في الهجرة الأولى حين سمح محمد لبعض من آمن به بالهجرة إلى هناك.
ليلة الهجرة النبوية
المقال الرئيسي: الهجرة النبوية
بات علي بن أبي طالب في فراش محمد ليلة الهجرة، وتغطى ببرده الأخضر ليظن الناس أن النائم هو النبي محمد وبهذا غطي على هجرة النبي، وأحبط مؤامرة أهل قريش بقتل محمد، وبهذا يعتبر أول فدائي في الإسلام، ويروى بعض المفسرين الشيعة في تفسير الآية القرآنية: «ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله» أنها نزلت في علي بن أبي طالب حين نام في فراش الرسول [22] [23]. وكان محمداً قد أمره أن يؤدي الأمانات إلى أهلها ففعل، حيث كان أهل قريش يضعون أماناتهم عند محمد، وكانوا في مكة يعلمون أن علياً يتبع محمداً في كل مكان، لهذا فإن بقاءه في مكة جعل الناس يشكون في هجرة النبي نظراً لاعتقادهم بأنه لو هاجر لأخذ علياً معه، وبقي علي في مكة ثلاثة أيام حتى أمره محمد بالهجرة للمدينة. [24]
حياته في المدينة
هاجر إلى المدينة وهو ما بين 22 و 23 من عمره، قيل ماشياً حتى تورمت قدماه ونزف منهما الدم [25] [26]، وقيل معه ركب من النساء هم أمه فاطمة بنت أسد وفاطمة بنت محمد وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب أو ما سمي بركب الفواطم [24]، وحين آخى النبي بين المهاجرين والأنصار، اختاره محمد ليكون أخاه. في السنة الثانية من الهجرة زوجه محمد ابنته فاطمة، وشهد بيعة الرضوان والكثير من المشاهد، وشهد جميع المعارك معه إلا غزوة تبوك خلفه فيها على المدينة وعلى عياله بعده وقال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "، وسلم له الراية في الكثير من المعارك [2] [25].
عرف علي بن أبي طالب ببراعته في القتال، وقد تجلى هذا في غزوات الرسول، ففي غزوة بدر، هزم علي الوليد بن عتبة، وقتل ما يزيد عن 20 من الوثنيين [27]. وفي غزوة الأحزاب قتل عمرو بن ود العامري أحد فرسان العرب وفي غزوة خيبر، هزم فارس اليهود مرحب، وبعد أن عجز جيش المسلمين مرتين عن اقتحام حصن اليهود أعطى الرسول الراية لعلي ليقود الجيش، وفتح الحصن وتحقق النصر للمسلمين. [28]، وقيل إنه اقتحم حصن خيبر متخذاّ الباب درعاً له لشدة قوته في القتال. وكان لعلي سيف شهير أعطاه له محمد في غزوة أحد عرف باسم ذو الفقار [29].
كان علياً أحد كتاب القرآن أو كتاب الوحي الذين يدونون القرآن في حياة النبي محمد، وكان محمد يثق به فكان يجعله يحمل الرسائل ويرسله لدعوة القبائل للإسلام، وأمره محمد بكسر الأصنام التي حول الكعبة [30]. ولاه محمد قضاء اليمن لما عرف عنه من عدل وحكمة في القضاء، فنصحه ودعا له [31]، ثم أرسله إلى هناك سنة 8 هـ ومكث به عام واحد [32].
بعد وفاة محمد
بعد وفاة النبي محمد قام علي بتغسيل وتجهيز جثمانه للدفن، وفي هذة الأثناء اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ورشحوا سعد بن عبادة ليكون خليفة للمسلمين، وحين سمع أبو بكر وعمر بهذا توجها إلى السقيفة وأكدوا على أحقية المهاجرين بالخلافة كما تقول المصادر السنية ودار جدال بينهم، في النهاية تم اختيار أبا بكر ليكون خليفة النبي [33] [34] يروى أن علياً حين سمع بترشيح الأنصار للخلافة أنه قال: «لو كانت الإمامة منهم لما كانت الوصية فيهم» يقصد وصية محمد في الأنصار قبل وفاته. يروى أيضاً أن علياً كان مقتنعاً بأحقيته في الخلافة، وأنه كان يعتقد أن المسلمين سيختاروه في السقيفة [34]، ولكن المصادر السنية تقول أنه تقبل الأمر ورضي بخلافة أبو بكر [35]، بينما يؤكد الشيعة والقرآنيون وغيرهم روايات من كتب مؤرخي السنة أنفسهم تقول أنه بايع كارها وتنفي بعضها مبايعته لأبو بكر [33]، كما يعتبر علماء الشيعة الكثير من الصحابة مرتدين وخارجين عن الإسلام لرفضهم إمامة علي وتخاذلهم عن نصرته باستثناء أربعة منهم عرفوا بالأركان الأربعة، بالإضافة لغالبية بنو هاشم. وتروي المصادر الشيعية أيضاً أن علي بن أبي طالب مكث في بيته حتى جمع القرآن [36]، والتزم التقية طوال فترة حكم الخلفاء الراشدين، كما أنه اعتزل العمل السياسي وتفرغ لخدمة أهله وزراعة الحدائق والبساتين وحفر الآبار التي تعرف حالياً بآبار علي. بينما تؤكد مصادر أخرى علي بن أبي طالب احتفظ بدور كبير خلال عهود الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه، وكانوا يستشيروه في الكثير من الأمور. [37]
طالع أيضا : حادثة السقيفة.
في عهد أبو بكر
بعد أن شيع أبو بكر الصديق جيش أسامة بن زيد جعل كبار الصحابة على منافذ المدينة - ومنهم علي بن أبي طالب - لحماية المدينة من أي اعتداء، كما استشاره أبو بكر قبل أن يحارب المرتدين وأيضاً قبل المضي في غزو الروم وغيرها من الأمور الدينية والدنيوية. [35] تنكر بعض المصادر الشيعية مشاركته في حروب الردة، لكنه شارك في تشييع جنازة أبي بكر.
جدير بالذكر أن علي بن أبي طالب كان في صف زوجته فاطمة في مطالبتها بميراث أبيها، حيث اعتبرا أرض فدك من حق فاطمة كميراث شرعي [38] [39]، بينما تمسك أبو بكر ومعه عمر بن الخطاب بأن الأنبياء لا يورثون وأن ما تركوه صدقة ويستشهدون بحديث الرسول :«لا نورث ، ما تركنا صدقة» [40].
طالع أيضا : الخلاف حول ميراث فاطمة.
في عهد عمر بن الخطاب
كان يستشيره عمر في كثير من القضايا والأمور الفقهية، ويعمل بما يقول علي بن أبي طالب ، يروى أن عمر تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب [41]، ولكن البعض من الشيعة يرفضون تلك الرواية [42]. وعندما غاب عن المدينة لاستلام مدينة بيت المقدس من الروم، عيّن عليّاً نائباً عنه على المدينة. [43] وحين كان يحتضر رشح ستة للخلافة من بعده منهم علي بن أبي طالب. [34] ، وينسب إلى عمر بن الخطاب قوله: «لولا علي لهلك عمر» ، بينما يرى أهل السنة والجماعة أن هذه الرواية ضعيفة [44] وأن هناك رواية أخرى وغير ثابتة في حق معاذ بنفس الصيغة [45].
في عهد عثمان بن عفان
تمت التصفية بين المرشحين الستة الذين رشحهم عمر قبل وفاته، وتم التوصل للمرشحين النهائيين وهما عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، فتم اختيار عثمان في النهاية وقام علي بن أبي طالب بمبايعته وسائر المسلمين. احتفظ علي بن أبي طالب بمكانته الدينية والإجتماعية في عهد عثمان، وعندما وقعت الفتنة طلب منه عثمان بن عفان أن يخرج للثوار فيقنعهم بالرجوع ففعل، ورحلوا لكنهم عادوا فيما بعد وقتلوه، وحين حوصر عثمان في بيته أرسل علي بن أبي طالب ولديه الحسن والحسين لمنع الثوار من الدخول إلى بيته. ووبخهما حين قتلوه معتقداً أنهما تخاذلا في الدفاع عنه وفقاً للروايات السنية [34]، بينما مصادر الشيعة تفسر هذا بشكل مختلف، حيث أن علي لم يكن يريد للعامة التطاول على الخليفة فتصبح سنة للمسلمين كلما اختلفوا مع خليفة قتلوه، وينكر بعضها إرسالة لولديه لحراسة عثمان، فالعلاقة بين عثمان وعلي تعتبر نقطة خلافية بين مؤرخي السنة والشيعة.
طالع أيضا : فتنة مقتل عثمان.