هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    حال البشريه والعالم قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام

    Dr.ahmadkamal
    Dr.ahmadkamal
    المشرف العام
    المشرف العام


    عدد الرسائل : 123
    العمر : 36
    البلد : الامارات
    اسم الدوله : حال البشريه والعالم قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام D0dfd110
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 62345
    تاريخ التسجيل : 29/10/2007

    n3 حال البشريه والعالم قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام

    مُساهمة من طرف Dr.ahmadkamal الأحد مارس 30, 2008 10:27 pm

    حالة الجزيرة العربية قبل البعثة:

    كانت الجزيرة العربية تعيش في أحط حالات انعدام الأخلاق البشرية. فلو عدنا بذاكرتنا إلى الوراء، حيث الزمن الذي سبق بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، لوجدنا ما يشيب له شعر الوليد من هول ما كان سائدا.



    من أبشع ما يمكن أن يتصوره العقل، تلك الأمور التي كانت تحدث في ربوع الجزيرة العربية من وأد للبنات!



    بأي ذنب تضيع تلك الروح التي لم يكن يعبأ بها المجتمع، ولا يلقي لها بالا، ولا يضعها في حسبانه؟ تلك الروح التي كانت تفقد حياتها لأنها ليست ذكرا. ومن الذي كان يسلبها حياتها! إنه أبوها!



    أي قسوة تلك وأي انحراف أخلاقي هذا، حين يئد الأب فلذة كبده بيديه؟!



    لقد كان الرجال في الجزيرة العربية يكرهون إنجاب الإناث، ويعتريهم الهم والضيق حين يشاء الله أن يرزقهم بأنثى.



    يقول الله عز وجل مصورا لهذه الصورة البشعة:

    "وإذا بُشِّرَ أحدُهم بالأنثى ظلَّ وجهُهُ مُسوّداً وهو كظيم يتوارى مِن القوم مِنْ سُوءِ ما بُشِّر به أيمسِكُهُ عَلى هُون أمْ يَدسُّهُ في التُراب ألا ساء ما يحكمونَ." (سورة النحل 59).



    وقد ذكر ابن الأثير في كتابه «أُسد الغابة» في مادة: قيس: أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ سأل قيساً عن عدد البنات اللاتي وأدهنَّ في الجاهلية: فأجاب قيسٌ بأنه وأد اثنتي عشرة بنتاً له.



    وقد افتخر «الفرزدق» بإحياء جدِّه للموؤدات في كثير من شعره إذ قال:

    ومنّا الّذي منَع الوائدات وأحيا الوئيد فلم يُوأد



    هذا، ولم يقتصر الوضع على ذلك الحد، بل انتشرت المهانة للمرأة في المجتمع الجاهلي. كانت المراة كسقط المتاع إذا مات زوجها، أصبحت إرثا لقرابته يفعل فيها ما يشاء. فربما تزوجها لو كانت امرأة ذات حسن وجمال، أو ترد عليه الصداق الذي أخذته من زوجها الميت، أو ربما حبسها حتى الموت، إن لم يكن له حاجة في الزواج منها.



    وأما المرأة المطلقة، فلم يكن من حقها أن تتزوج برجل آخر، إلا بعدما يأذن لها مطلقها، وربما أعجبه وأرضاه أن يتركها هكذا تعاني في حياتها نكاية بها. وإذا أذن لها، فيكون ذلك مقابل أن يأخذ منها مهرها الذي يهبه لها زوجها الثاني.



    لم تكن المرأة كذلك تتمتع في هذا المجتمع بأي من الحقوق المالية، فلم تكن ترث ولم يكن لها ذمة مالية مستقلة.



    ومن ناحية أخرى، كانت الأحقاد والكراهية والعصبية الجاهلية هي الأخلاق السائدة آنذاك بين قبائل العرب. فقد كانت رحى الحرب دائرة لسنوات عديدة بين الأوس والخزرج وهم الذين يقطنون المدينة نفسها ويتجاورون، إلا أنهم خضعوا لأحقاد النفس وسوء الخلق، فأصبحوا أشد الناس عداوة لبعضهم بعضا.



    وكانت الأطماع المادية هي المسيطرة على عقول العرب، فانتشرت عادة النهب والإغارة على القبال الأخرى.



    هذه حال المجتمع العربي آنذاك. أما من ناحية الدين والعبادة، فلم يكونوا أحسن حالا من وضعهم في الأخلاق والعلاقات الاجتماعية. فقد كانوا يعبدون ما ينحتون. ترى الرجل منهم ذا القوة والجاه والمكانة، يعبد حجرا ويتوسل إليه، ويضعه نصب عينيه في داره، بل ترى هذا الحجر الأصم، أغلى لديه من بعض ولده. وربما صنع الرجل منهم صنما من العجوة، حتى إذا اشتد به الجوع، أكله وكأنه لم يكن يتذلل إليه منذ قليل!



    وكانت العبادات متنوعة بين القبائل؛ فمنهم من يعبد الشمس كحمير، ومنهم من يعبد الجن كخزاعة، ومنهم من يعبد القمر ككنانة. وكانت القبائل تعبد الكواكب؛ لكل قبيلة كوكب تعبده، وكأنه هو الذي خلقها!



    أما الغالبية العظمى من أهل الجزيرة العربية، فقد كانت تعبد ما يزيد على ثلاثمائة وستين صنماً. وكانت قريش التي بها البيت الحرام، تتاجر بالدين وتجعله مصدرا أساسيا من مصادر الدخل القومي لديها، فكانت تتخذ حول الكعبة العديد والعديد من الأصنام، يستغلون بها الناس، ليعبدوا هذه الحجارة، وتزداد وارداتهم التجارية والمادية إثر هذه العبادة.



    [size=18]حال بقية العالم قبل البعثة:
    أما لو تطرقنا إلي الوضع العالمي، فليست الحال بأفضل مما رأينا، فقد كانت الإمبراطوريتان السائدتان في ذلك الوقت هما إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الروم، وكانت هاتان
    الإمبراطوريتان سيدتي العالم في ذلك الوقت، بلا منازع أو شريك.



    انتشر الظلم والقهر في بلاد الروم؛ فكان الشعب أحوج ما يكون للمسة حانية تحتضنه، وراية عدل ترتفع في سمائه، لتزيح عنه عبء هذا الظلم.

    كذلك انتشرت الحروب الخارجية والنزاعات الداخلية، نتيجة الجدل العقيم بين الفئات المختلفة داخل الدولة الرومية، مما أضعف هذه البلاد وجعل الفوضى تعم فيها، وكذلك السخط والحنق لما يمر به الشعب من قهر وظلم وانتهاك لبشريته وانتشار للمذابح في هذه البلاد.



    كانت هذه البلاد تعيش في حالة من الظلم الشديد للشعوب؛ فقد فرضت الضرائب الباهظة على الشعوب الكادحة. أما الطبقة الحاكمة، فقد سبحت في بحور الملذات والترف والإسراف والانشغال بالملذات عن مصالح الشعوب.



    كانت حال الشعوب في أوربا حالا عجيبة؛ فقد كانت تعيش في ظلمات الجهل والأمية، لا تعرف عن العلم شيئا. تسيطر الخرافات على تفكيرها. والمغالاة في بعض الأفكار هي طبيعتها. فقد كانوا (على سبيل المثال) يعقدون المؤتمرات لبحث حقيقة المرأة وطبيعتها وهل هي حيوان أم إنسان. وكانت أوربا تعيش أقصى حالات اللامبالاة بعدما اعتادوا على الخضوع والاستكانة.



    أما في إيران، فقد كان الوضع على الدرجة نفسها من السوء. فقد كان هناك تمايز طبقي في ذلك المجتمع: طبقة تسيطر عل الموارد المالية وهي الطبقة العليا. أما بقية الشعب، فقد كانت ترضخ للمعاناة والفقر والحرمان، بل تتحمل أعباء بذخ هذه الطبقة على كاهلها. وكان الفقراء محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية، وكانوا يعيشون كالعبيد.



    أما التعليم، فكان مقصورا على الأمراء والأثرياء فقط، وحرم باقى الشعب من حقه الطبيعي في اكتساب العلوم والمعارف، وعاش في أحضان الجهل.



    وكانت الحكومة الفارسية في هذه المرحلة تعاني من الفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار.



    كذلك انتشرت الإباحية والفساد وحالات هتك الأعراض. وكان الملوك يعتبرون أنفسهم من نسل آخر مختلف عن البشر، ففيهم يجري دم الآلهة، ولهم الحرية في أن يفعلوا في الناس ما يشاؤون.



    وكان العالم في ذلك الوقت يعيش تحت لواء الحروب المتواصلة بين الفرس والروم، كما كانت الحروب قائمة بين القبائل العربية، وكأن الحرب هي الملاذ الوحيد آنذاك للعيش في هذه الحياة!



    سنوات طويلة من الحروب المتواصلة، والفقر والظلم والاستبداد والقهر للشعوب. فكانت هذه الشعوب قد فاض بها، وأصبحت في أمس الحاجة إلى نهر طاهر ترتوي منه، وتغسل فيه همومها، وعدل صارم، لا يجامل الأثرياء على حساب الفقراء.



    هذه هي حال العالم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. كان العالم قد غلفه الجهل والظلم فأبي الله إلا أن يرسل من يزيح صخرة هذا الجهل والظلم ويكون منبعا للرحمة بالبشرية، فكان قدوم محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال ربه فيه وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.



    كانت المجتمعات بالفعل مهيأة تماما لاستقبال رسالة جديدة أساسها الأخلاق الكريمة؛

    رسالة العدل ركيزتها، والرحمة والأمانة واحترام بشرية الإنسان، دعائمها.



    كان لا بد من الرحمة بهذا العالم الذي أرهقت المظالم كاهله. رحمة يبعث الله بها رجلا ذا خلق عظيم. فبعثه الله عز وجل لينير ظلمات الحياة، ولتشرق فيها شمس الأخلاق من جديد.



    هذا الخلق الذي تمتع به ذلك الرجل، هو الذي باتت البشرية في حاجة ملحة للعودة إليه في هذا الزمان، بعدما وقع هذا الانهيار الأخلاقي الذي يغلف حياة إنسانية هذا اليوم.



    لذلك، كان من البديهي أن يكون هناك تعريف بصاحب هذا الخلق وهذه الرسالة التي تحتاجها البشرية، وأن نلقي الضوء على الجانب الأخلاقي والإنساني في حياة رسول الأخلاق والرحمة والعدل محمد صلى الله عليه وسلم؛ الذي شهد له أعداؤه بدماثة الخلق وبالعظمة الإنسانية، والذي شهد له ربه قبل أي أحد بأنه صاحب أعظم خلق:

    "وإنك لعلى خلق عظيم
    ."

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 7:15 am