[b]إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن
سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد آن محمدا عبده ورسوله.
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ
نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا
كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا
سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعذ، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور
محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فإنه بمناسبة بعض المؤلفات التي ظهرت لا تقيم وزنا للسنة، على أنها مبينة
للقرآن، أردت أن أقدم إليكم ما عندي من علم قليل حول هذه المسألة الهامة،
من باب: {وتعاونوا على البر والتقوىٍ}.
كلنا يعلم ما هو معلوم من الدين بالضرورة: أن الإسلام دستوره القرآن الذي
أنزله الله تبارك وتعالى على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، وأن هذا
القرآن كثير من الناس قد إستقلوا في فهمه بناء على معرفتهم بشيء من اللغة
العربية، بعد تحكيمهم عقولهم، إن لم نقل:
بعد تحكيمهم أهواءهم في تفسير كتاب الله تبارك وتعالى في كثير من آياته
الكريمة؟ لذلك كان لزاما على كل من كان عنده شئ من العلم يبطل هذا النهج
الذي ظهر، أو أظهر قرنه في هذا العصر الحاضر، بعد أن سمعنا منذ نحو نصف
قرن من الزمان عن جماعة ينتسبون إلى القرآن، ويسمون أنفسهم بالقرآنيين حيث
أنهم أكتفوا بادعاء أن الإسلام إنما هو القرآن فقط.
والآن فقد ظهرت دعوة جديدة تتشابه مع تلك الدعوة السابقة، وإن كانت لا
تتظاهر بالاقتصار على القرآن وحده كما كانت تلك الفئة تصارح الناس بذلك،
وتدعى أن الإسلام لاشيء منه سوى القرآن الكريم، ولسنا بحاجة إلى أن نثبت
بطلان دعوى هؤلاء الذين يصرحون بأن الإسلام إنما هو فقط القرآن الكريم،
ولكننا نريد أن نبين أن بعض الناس ممن يتظاهرون بأنهم يدعون إلى الإسلام-
كتابا وسنة- قد انحرفت بهم أهواؤهم أو عقولهم عن السنة، ووقعوا في نحو ما
وقع فيه أولئك الناس من الاعتماد على القرآن فقط.
لذلك أريد أن أبين لكم خطر هذا المنهج الذي سلكه أصحاب هذه الدعوة فنحن
نعلم جميعا قول ربنا تبارك وتعالى مخاطبا نبينا صلوات الله وسلامه عليه
بقوله { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم } والآيات الكثيرة
التي يلهج دائما بها خطباء السنة في الأمر بالرجوع إلى الكتاب والسنة، هي
أشهر من أن تذكر فلا أطيل الآن بذكرها، وإنما أدندن حول هذه الآية الكريمة
التي فيها كما سمعتم قوله تبارك وتعالى { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس
ما نزل إليهم }.
ففي هذه الآية الكريمة نصر صريح أن النبي صلى الله عليه وسلم انزل عليه
القرآن وكلف بوظيفة البيان لهذا القرآن، هذا البيان المذكور في هذه الآية
الكريمة: هو السنة المطهرة.
فمعنى هذا أن الله عز وجل لم يكل أمر فهم القرآن إلى الناس، حتى ولو كانوا
عربا أقحاحا ، فكيف بهم إذا صاروا عربا أعاجم؟ فكيف بهم إذا كانوا أعاجم
تعربوا؟
فهم لاشك بحاجة- لا يستغنون عنها- إلى بيان النبي صلى الله عليه وسلم لأن
هذا البيان هو الوحي الثاني الذي أنزله الله تبارك وتعالى على قلب النبي
صلى الله عليه وسلم ، ولكن حكمة الله تبارك وتعالى اقتضت أن يكون هناك وحي
متلو متعبد بتلاوته ألا وهو: ا لقرآن الكريم. ووحي ليس متلوا كالقرآن،
ولكنه يجب حفظه، لأنه لا سبيل إلى فهم المبين ألا وهو القرآن إلا بالمبين،
أو البيان الذي كلف به عليه الصلاة والسلام.
وقد يستغرب البعض حين نقول: إنه لا يستطيع أحد أن ينفرد أو أن يستقل بفهم
القرآن، ولو كان أعرب العرب، وأفهمهم، وألسنهم، وأكثرهم بيانا، ومن يكون
أعرب وأفهم للغة العربية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، الذين انزل
القرآن بلغتهم؟
ومع ذلك فقد أشكلت عليهم بعض الآيات فتوجهوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه عنها.
من ذلك ما أخرجه الإمام البخاري في " صحيحه " والإمام أحمد في " مسنده "
عن عبدا لله بن مسعود رضي الله عنه؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلا
على أصحابه قوله تبارك وتعالى { والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم
أولئك لهم الأمن وأولئك هم المهتدون } شقت هذه الآية على أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! وآينا لم يظلم؟
وآينا لم يظلم: يعنون بذلك، أنهم فهموا الظلم في هذه الآية الكريمة أنها تعني أي ظلم كان سواء كان ظلم العبد لنفسه، أوكأن ظلم العبد
لصاحبه، أو لأهله أو نحو ذلك، فبين لهم صلى الله عليه وسلم أن الأمر ليس
كما تبادر لأذهانهم، وأن الظلم هنا: إنما هو الظلم الأكبر، وهو الإشراك
بالله عز وجل. وذكرهم بقول العبد الصالح لقمان (إذ قال لابنه يا بني لا
تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ).
فهؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم العرب الأقحاح أشكل عليهم هذا
اللفظ من هذه الآية الكريمة، ولم يزل الإشكال عنهم إلا ببيان النبي صلى
الله عليه وسلم .
وهذا هو الذي أشار إليه الله عز وجل في الآية السابقة (وأنزلنا إليك الذكر
لتبتن للناس ما نزل إليهم ) ولذلك فيجب أن يستقر في أذهاننا، وأن نعتقد في
عقائدنا أنه لا مجال لأحد أن يستقل بفهم القرآن دون الإستعانة بحديث
الرسول عليه الصلاة والسلام.
فلا جرم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( تركت فيكم أمرين أو شيئين، لن
تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنتي " وفي رواية " وعترتي، ولن
يتفرقا حتى يردا على الحوض )[سلسلة الاحاديت الصحيحة (4/ 330)] تركت فيكم
أمرين ليس أمرا واحدا، وحيين ليس وحيا واحدا، لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما
كتاب الله وسنتي.
يتبع
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن
سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن
لا إله إلا الله وحد لا شريك له، وأشهد آن محمدا عبده ورسوله.
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }
{ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ
نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا
كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا }
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا
سَدِيدًا(70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ
وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعذ، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور
محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فإنه بمناسبة بعض المؤلفات التي ظهرت لا تقيم وزنا للسنة، على أنها مبينة
للقرآن، أردت أن أقدم إليكم ما عندي من علم قليل حول هذه المسألة الهامة،
من باب: {وتعاونوا على البر والتقوىٍ}.
كلنا يعلم ما هو معلوم من الدين بالضرورة: أن الإسلام دستوره القرآن الذي
أنزله الله تبارك وتعالى على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، وأن هذا
القرآن كثير من الناس قد إستقلوا في فهمه بناء على معرفتهم بشيء من اللغة
العربية، بعد تحكيمهم عقولهم، إن لم نقل:
بعد تحكيمهم أهواءهم في تفسير كتاب الله تبارك وتعالى في كثير من آياته
الكريمة؟ لذلك كان لزاما على كل من كان عنده شئ من العلم يبطل هذا النهج
الذي ظهر، أو أظهر قرنه في هذا العصر الحاضر، بعد أن سمعنا منذ نحو نصف
قرن من الزمان عن جماعة ينتسبون إلى القرآن، ويسمون أنفسهم بالقرآنيين حيث
أنهم أكتفوا بادعاء أن الإسلام إنما هو القرآن فقط.
والآن فقد ظهرت دعوة جديدة تتشابه مع تلك الدعوة السابقة، وإن كانت لا
تتظاهر بالاقتصار على القرآن وحده كما كانت تلك الفئة تصارح الناس بذلك،
وتدعى أن الإسلام لاشيء منه سوى القرآن الكريم، ولسنا بحاجة إلى أن نثبت
بطلان دعوى هؤلاء الذين يصرحون بأن الإسلام إنما هو فقط القرآن الكريم،
ولكننا نريد أن نبين أن بعض الناس ممن يتظاهرون بأنهم يدعون إلى الإسلام-
كتابا وسنة- قد انحرفت بهم أهواؤهم أو عقولهم عن السنة، ووقعوا في نحو ما
وقع فيه أولئك الناس من الاعتماد على القرآن فقط.
لذلك أريد أن أبين لكم خطر هذا المنهج الذي سلكه أصحاب هذه الدعوة فنحن
نعلم جميعا قول ربنا تبارك وتعالى مخاطبا نبينا صلوات الله وسلامه عليه
بقوله { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم } والآيات الكثيرة
التي يلهج دائما بها خطباء السنة في الأمر بالرجوع إلى الكتاب والسنة، هي
أشهر من أن تذكر فلا أطيل الآن بذكرها، وإنما أدندن حول هذه الآية الكريمة
التي فيها كما سمعتم قوله تبارك وتعالى { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس
ما نزل إليهم }.
ففي هذه الآية الكريمة نصر صريح أن النبي صلى الله عليه وسلم انزل عليه
القرآن وكلف بوظيفة البيان لهذا القرآن، هذا البيان المذكور في هذه الآية
الكريمة: هو السنة المطهرة.
فمعنى هذا أن الله عز وجل لم يكل أمر فهم القرآن إلى الناس، حتى ولو كانوا
عربا أقحاحا ، فكيف بهم إذا صاروا عربا أعاجم؟ فكيف بهم إذا كانوا أعاجم
تعربوا؟
فهم لاشك بحاجة- لا يستغنون عنها- إلى بيان النبي صلى الله عليه وسلم لأن
هذا البيان هو الوحي الثاني الذي أنزله الله تبارك وتعالى على قلب النبي
صلى الله عليه وسلم ، ولكن حكمة الله تبارك وتعالى اقتضت أن يكون هناك وحي
متلو متعبد بتلاوته ألا وهو: ا لقرآن الكريم. ووحي ليس متلوا كالقرآن،
ولكنه يجب حفظه، لأنه لا سبيل إلى فهم المبين ألا وهو القرآن إلا بالمبين،
أو البيان الذي كلف به عليه الصلاة والسلام.
وقد يستغرب البعض حين نقول: إنه لا يستطيع أحد أن ينفرد أو أن يستقل بفهم
القرآن، ولو كان أعرب العرب، وأفهمهم، وألسنهم، وأكثرهم بيانا، ومن يكون
أعرب وأفهم للغة العربية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، الذين انزل
القرآن بلغتهم؟
ومع ذلك فقد أشكلت عليهم بعض الآيات فتوجهوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه عنها.
من ذلك ما أخرجه الإمام البخاري في " صحيحه " والإمام أحمد في " مسنده "
عن عبدا لله بن مسعود رضي الله عنه؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلا
على أصحابه قوله تبارك وتعالى { والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم
أولئك لهم الأمن وأولئك هم المهتدون } شقت هذه الآية على أصحاب النبي صلى
الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! وآينا لم يظلم؟
وآينا لم يظلم: يعنون بذلك، أنهم فهموا الظلم في هذه الآية الكريمة أنها تعني أي ظلم كان سواء كان ظلم العبد لنفسه، أوكأن ظلم العبد
لصاحبه، أو لأهله أو نحو ذلك، فبين لهم صلى الله عليه وسلم أن الأمر ليس
كما تبادر لأذهانهم، وأن الظلم هنا: إنما هو الظلم الأكبر، وهو الإشراك
بالله عز وجل. وذكرهم بقول العبد الصالح لقمان (إذ قال لابنه يا بني لا
تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ).
فهؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم العرب الأقحاح أشكل عليهم هذا
اللفظ من هذه الآية الكريمة، ولم يزل الإشكال عنهم إلا ببيان النبي صلى
الله عليه وسلم .
وهذا هو الذي أشار إليه الله عز وجل في الآية السابقة (وأنزلنا إليك الذكر
لتبتن للناس ما نزل إليهم ) ولذلك فيجب أن يستقر في أذهاننا، وأن نعتقد في
عقائدنا أنه لا مجال لأحد أن يستقل بفهم القرآن دون الإستعانة بحديث
الرسول عليه الصلاة والسلام.
فلا جرم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( تركت فيكم أمرين أو شيئين، لن
تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنتي " وفي رواية " وعترتي، ولن
يتفرقا حتى يردا على الحوض )[سلسلة الاحاديت الصحيحة (4/ 330)] تركت فيكم
أمرين ليس أمرا واحدا، وحيين ليس وحيا واحدا، لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما
كتاب الله وسنتي.
يتبع