لا أعرف في أي زمن عاش لوقيان ؟؟؟
لا يوجد أي شك بأن cyrano de bergerac الذي كتب رحلة إلى القمر ورحلة إلى
الشمس نقل عنك وهذا يقوله أهل الغرب ... , كتبوا عن cyrano الكثير وهناك
عدة أفلام عن حياته وأوبيرا وتغنى به الشعراء مثل edmond rostand وغيره ,
ونجدك حيا عند jonathan swift بكتابه Gulliver s travel s ونجدك حيا كذلك
عند طوماس مور وهلبارغ وشكسبير وفولتير وغيرهم .
يقول لوقيان ان الرغبة لترك إسمه للأجيال القادمة جرته لكتابة هذه القصة ,
وفعلا رغبته تحققت عند أكثر الشعوب منذ قرون , لكن بالمشرق مسقط رأسه
..... !!!!.
ويقول لوقيان : لا أملك أي شيء حقيقي أحكيه , نظرا لأنه لم تحدث لي أي
مغامرة جديرة بالإهتمام , سأنطوي على كذبة معقولة أكثر بكثير مما لدى
الآخرين .لأنه لا يوجد في كتابي , أي حقيقة , إلا الإعتراف بكذبي ... ,
لكن هل ما قاله لوقيان منذ ثمانية عشر قرنا أكاذيب ؟؟؟؟ أو هل عاش لوقيان
قبل زمانه ؟
.............................
الرياضيون والذين يدربون أجسامهم لا يهتمون فقط بالحفاظ على قواهم
الطبيعية , ولا يحلمون ويفكرون إلا في التدريبات الرياضية , بل لهم ساعات
للراحة , وينظرون إلى هذه الإستراحة مثل حصة جيدة جدا لتمارينهم , أؤمن
لهذا الحد أن نموذجهم يلائم المثابرين على دراسة الآداب . ليهبوا بعض
الراحة لروحهم بعد ساعات طويلة مكرسة لمطالعات جادة , وجعلها بهذه الطريقة
أشد حيوية لاستئناف أعمالها .
مع ذلك هذه الراحة ستكون نافعة لهم إلا إذا كانت تنطبق على مطالعة نتاج
أدبي لا يسحرهم فقط برحلة روحانية وبساطة سارّة لكن أين يجد المرء العلم
مضموم بالخيال, مثلما سنتعرف عليه, أتمناه, في هذا الكتاب.
حقا , إنه ليس فقط من خلال خصوصية الموضوع ولا بواسطة متعة الفكرة , يجب
أن يُعجب به ولا حتى لأننا نشرنا قصة خيالية بموجب مظهر الإحتمال . إلا أن
لأن كل عصر له ميزة تشير بطريقة هزلية إلى بعض الشعراء السابقين والمؤرخين
أو الفلاسفة, كتبوا قصص رائعة , في إستطاعتي أن أذكر أسمائهم إن لا يمكن
لكم التعرف عليهم بسهولة عند القراءة .
ستيسيا دي سنيد ابن كتيسيوسوش كتب عن الهند وبلدهم أشياء لم يراها ويسمعها
من فم أي شخص كان , جمبول كتب عن وقائع مدهشة نعايشها بالمحيطات , إنه
واضح للجميع على الرغم من ذلك أن هذا العمل قصة خيالية فقط , مع هذا نراه
عمل له سحره وجماله . كثير من الآخرين وقع اختيارهم على مواضيع مشابهة ,
تحدثوا عن أحداث شخصية , سواء مغامرات أو رحلات أين ينشؤون وصف حيوانات
ضخمة , رجال قلوبهم مليئة بالقسوة أو يعيشون بطريقة غريبة . المؤلف والسيد
لكل هذه الوقاحات هو " أوديس – أوديسس " لهومير الذي يروي بألسينوس قصة
عبيد الرياح , رجال لهم عين واحدة يأكلون اللحم النيء وأساليبهم متوحشة
جدا , ثم يأتي دور الوحوش التي لها عدة رؤوس , مسخ المصاحبين لأوديس عن
طريق شراب المحبة , وآلاف أخرى من العجائب يضعها مع حساب فياسين من
الأغنية العاشرة .
ومع ذلك عندما قرأت لهؤلاء المؤلفين لم أتهمهم بجرائم كبرى عن أكاذيبهم
ولا سيما عندما نرى انها عادة مألوفة حتى عند الذين يمارسون مهنة الفيلسوف
, والذي أدهشني وأزعجني دائما هو ظنهم إن كتبوا حكايات وأساطير لن يكتشف
القارئ أكاذيبهم وخدعهم . أنا شخصيا , جررت بواسطة الرغبة ان أترك إسما
للأجيال القادمة , ولا أريد أن أكون الوحيد الذي لا يستغل حرية التظاهر ,
عزمت .. , لا أملك أي شيء حقيقي أحكيه , نظرا لأنه لم تحدث لي أي مغامرة
جديرة بالإهتمام , سأنطوي على كذبة معقولة أكثر بكثير مما لدى الآخرين
.لأنه لا يوجد في كتابي , أي حقيقة , إلا الإعتراف بكذبي . يبدو إلي أني
سأفلت من اللوم الذي وجهته الى الرواة الآخرين وأقرّ بأني لا أكتب كلمة
واحدة حقيقية . سأروي عن أحداث لم أراها أبدا, ومغامرات لم أعايشها
نهائيا. سأضيف أشياء غير موجودة , ولا يمكن أن تكون , وبالتالي من الضروري
أن لا يؤمن القارئ بأي شيء على الإطلاق .
أقلعنا ذات يوم من الأعمدة التذكارية لهرقل في اتجاه المحيط الغربي ورمت
بنا رياح مؤاتية بعرض البحر .الهدف من رحلتي كان غريب وتافه وهو الرغبة في
أن أرى شيئا جديدا: فضلا عن ذلك أردت معرفة حدود المحيط, ومن هم البشر
الذين يعيشون في الشاطئ المقابل. بناء على هذه الخطة , شحنت الكثير من
ذخيرة الأفواه وكمية ماء كافية , انضم إلي خمسون إنسانا صغيري السن في
عمري , ولنا جميعا نفس القصد : جهزت نفسي بعدد كبير من الأسلحة , مقابل
مبلغ مالي كبير تعاقدت مع ربان ليكون مرشدنا , وجهزت سفينتنا التي كانت
سفينة تجارية , كي تتمكن من المقاومة في هذه الرحلة الطويلة والعنيفة .....
خلال يوم وليلة هبت رياح جميلة دون أن تأخذنا إلى عرض البحر وتركتنا
نـُشاهَد من اليابسة, لكن في اليوم التالي عند الشروق صارت النسمة أقوى ,
الأمواج صارت كبيرة , أغلفتنا الظلمة , وليس بالإمكان من إنزال الشراع .
أجبرنا على الاستسلام للرياح وجلدتنا العاصفة خلال تسعة وسبعون يوما , لكن
في اليوم الثمانين عند شروق الشمس شاهدنا على بعد مسافة قصيرة جزيرة
مرتفعة , مغطاة بالأشجار والأمواج تتحرك في اتجاهها بهدوء , قدنا السفينة
صوب الشاطئ , نزلنا , ومثلما يحدث لأناس تم اختبارهم بعنف , تمددنا على
الأرض مدة طويلة . أخيرا نهضنا , اخترنا من بيننا ثلاثون لحراسة السفينة ,
وأخذت العشرون الآخرون ليذهبوا معي لنقوم بالاستطلاع وسط الجزيرة .
وصلنا إلى الغابة , على مسافة ثلاثة غلوات من البحر , رأينا عمودا برنزيا
منقوش عليه بالأحرف اليونانية القديمة كلمات من الصعب قراءتهم , نصفهم
ممحوّ ويقلن : إلى هنا أتى هرقل وباكوس , وبالقرب من هنا على صخرة أثر
قدمين , واحدة حجمها فدان والأخرى أصغر : تخيلت أن الصغيرة لرجل باكوس
والكبرى لهرقل ( 1 )
عبدنا هذان الاثنان النصف الآلهة وواصلنا طريقنا . ما كدنا نمشي بضعة
خطوات حتى نرى نهرا يجري به خمر مشابه لخمر جزيرة شيو : السائل عريضا ,
غارق وصالح للملاحة بعدة أماكن , شعرنا بأننا أكثر رغبة في الإيمان بما هو
منقوش فوق العمود البرنزي , عند رؤية هذه الرموز الواضحة عن رحلة باكوس.
أتتني فكرة لمعرفة منبع هذا النهر , صعدت التيار , ولم أعثر على أي منبع ,
لكن عدد كبير من الداليات مليئة بالعنب . من قدم كل شجرة يسيل قطرة قطرة
خمر شفاف ومنهن يتكون منبع النهر . شاهدنا الكثير من السمك ولهم لون وطعم
الخمر , اصطدنا بعض الأسماك وأكلناهم وسكرونا , ومع ذلك عندما فتحناهم
وجدناهم مليئين بالثقل , ولاحقا أخذنا كل الاحتياطات اللازمة لوقاية أسماك
المياه العذبة من اختلاطها بهذا النوع من الطعام , لكي نصحح القوة فيها .
بعد عبورنا للنهر إلى مكان ممكن عبوره , وجدنا نوعا من العنب مدهش ورائع :
الجذوع قريبة للأرض , سميك ونحيل , من جزئه الأعلى تخرج نساء أجسامهن بدءا
من الحزام لهن جمال كامل مثلما قدمنهن لنا دفنة , يتحولن إلى إكليل الغار
في الوقت الذي يقترب منهن أبولون , في نهاية أصابعهن تنبت أغصان تحمل
عناقيد , رؤوسهن , بدلا من الشعر , لهن غطاء من الحلقات يشكلن الحجنة
والعنب . اقتربنا منهن , رحبن بنا , مدت أياديهن , وتكلمن معنا , من بينهن
من يتكلم لغة الأنضول الليدية , والبعض اللغة الهندية , تقريبا كلهن
باليونانية , وبدأن يقدمن القبل على الشفاه , لكن كل من يتحصل على قبلة
يصبح مخمورا وأحمق على الفور , ومع ذلك لم يسمحن لنا بجمع ثمارهن , وان
تقطف ثمرة يرمين بصيحات كلها ألم , البعض من بينهن استدعونا الى عناق حب ,
إلا ان اثنان من رفاقنا ارتميا بين أحضانهن ولم يتمكنا من التخلص منهن ,
بقيا أسيران الجانب الجنسي مُطعّمان بهذه النساء وأنبتا معهن جذورا , في
لحظة واحدة تغيرت أصابعهم إلى أغصان , وكأنهما سينتجان العنب .
تركناهم وهربنا اتجاه سفينتنا , أخبرنا الذين بقوا بالسفينة الإنمساخ الذي
تعرض له أصدقاؤنا , من الآن فصاعدا مندمجين في الدالية . مع ذلك , تزودنا
ببعض الجرات لتخزين الماء , وغرفنا الخمر من النهر وبقربه قضينا الليلة .
في اليوم التالي عند الفجر وضعنا ثانية الشراع وكان الهواء البحري خفيفا ,
ولكن مع مرور منتصف النهار , عندما اختفت الجزيرة عن الأنظار , فجأة
هاجمتنا بعنف عاصفة من جميع الجهات , بعد أن دومت السفينة قذفتها في
الهواء على ارتفاع ثلاثة آلاف غلوة , ولم تتركها تسقط على البحر . قوة
الرياح , حركت أشرعتنا , ومسكت بزورقنا وعلقته لتقوده, بحيث أننا أبحرنا
في الهواء مدة سبعة أيام وسبع ليال .
في اليوم الثامن شاهدنا في الفضاء أرض كبيرة , نوع من الجزر اللامعة ,
كروية الشكل , ومستنيرة بضوء حاد , رسينا على الشاطئ , نزلنا من السفينة ,
وبعد أن تعرفنا على المدينة وجدناها مأهولة ومتحضرة , خلال النهار لم
نتمكن من مشاهدة أي شيء آخر , إلا أن حالما بدأ الليل , شاهدنا عدة جزر
أخرى مجاورة , البعض أكبر , والآخرون أصغر , لهن كلهن لون النار , وفوقنا
رأينا أرضا أخرى , بها مدن , أنهار , بحور , غابات , جبال : وبدا لنا أنها
الأرض التي نعيش بها .
عندما قررنا الاقتراب من المدينة التقينا بكائنات يلقبن أنفسهن
بهيبوجيباسيون , هؤلاء الهيبوجيباسيون بشر تحملهم نسور كبيرة ويستعملوها
كخيول , لهذه النسور حجم هائل وكلهم تقريبا لهم ثلاثة رؤوس : لإعطاء فكرة
عن حجمهم , أقول , الريشة الواحدة أطول وأضخم من سارية سفينة كبرى للنقل .
للهيبوجيباسيون أوامر بحراسة جزيرتهم وان عثروا على غريب يسلموه للملك ,
أخذونا وقادونا الى حاكمهم , وهذا اعتبرنا , وحكم علينا حسب ثيابنا : "
وقال لنا : أيها الغرباء هل أنتم يونانيون ؟ " وكان ردنا بالإيجاب . " إذا
, كيف وصلتم إلى هنا وعبرتم هذه الفجوة الكبيرة من الفضاء الجوي ؟ " حكينا
له عن مغامرتنا , وهو بدوره عن قصته , وكان إنسان ويدعى أنديميون , في يوم
من الأيام أثناء النوم اختطفوه من أرضنا , وعند وصلوه وضعوه ملكا على هذه
الدولة , إلا أن هذا البلد ليس شيئا آخر سوى ما نسميه بأرضنا بالقمر . طلب
منا أن نلتزم بالشجاعة وأن لا نشعر بالخوف , وسيلبون كل حاجياتنا .
وختاما , أضاف , إن سأصل إلى ما هو جيد , الحرب التي أخوضها ضد سكان الشمس
, زيارتكم ستجعل حياتي سعيدة جدا – من هم هؤلاء الأعداء , سألناه , وما هي
أسباب العداء ؟ فائتون (2 ) , رد علينا , ملك سكان الشمس , لأن الشمس
مأهولة مثل القمر , يحاربنا منذ زمن طويل , لأني جمعت كل فقراء
إمبراطوريتي ونويت ترحيلهم ليؤسسوا مستوطنة بنجمة الصبح , إنها مهجورة
وغير مأهولة . فائتون , حركه الحسد , أراد أن يضع أمامنا عقبات , وفي
منتصف الطريق , حشد أمامنا جيشا من الهيبومرماك , خسرنا الحرب , لتفوق
عددهم , وأظطررنا على التخلي عن المكان , لكن اليوم أريد أن أستأنف الحرب
, وإذا أردتم أن تشاركوني في هذه البعثة , وسأعطي لكل واحد منكم نسرا
ملكيا وباقي المعدات . غدا سنبدأ رحلتنا – مثلما تريدون , كان جوابي .
استبقانا على العشاء ومكثنا بقصره . في الصباح , إستيقضنا , وهيأنا أنفسنا
للمعركة . أبلغنا الجواسيس إقتراب الأعداء , قواتنا تتألف من مئة ألف جندي
, وضف إليهم المساعدين , سائقي الآلات , المشاة والقوات الحليفة : عدد
هؤلاء الأخيرين يصل إلى ثمانين ألف من الخيالة , وعشرون ألف محارب من
المجنحين , نوع من الطيور الكبيرة مغطاة بالخضروات عوض الريش , وأجنحتهم
السريعة تشبه كثيرا أوراق الخسّ , بالقرب منهم تركوا رماة الذرات البيضاء
, وثلاثون ألف من رماة سهام البراغيث , وخمسون ألف من العدائين مثل الرياح
أتوا كحلفاء من نجمة الدب . رماة السهام امتطوا على البراغيث الكبيرة , من
أين لهم اسم ! وهذه البراغيث لهم حجم فيلان , والعدائين مثل الرياح تابعين
لجيش المشاة , تحملهم الرياح وليسوا في حاجة لأجنحة : هكذا , لهم رداء
ينزل إلى الكعبة , يشمروه وعندما تغوص فيه الرياح تجعلهم يطيرون في الهواء
مثل الزورق . أكثرهم يستعمل الدرع في القتال . ويقال أن علاوة على هذا
سيصل من أجسام سماوية فوق كابادوس سبعون ألف نعامة وخمسون ألف كركيّ ,
ولكننا لم نشاهدهم , إنتظرناهم لكنهم لم يصلوا بعد , لا أتجرأ أن أصفهم ,
لأنه ما يقال عنهم يظهر لي وكأنه خرافات لا تصدق . وهكذا تتركب قوات
الأنديميون : كلهم لهم نفس الدروع , الخوذات مصنوعة من الفول الذي نجده في
هذا البلد كبير وصلب , الدروع مجهزة بقشور , مصنوعة من سنفة الترمس
المخيطة , ولا يمكن اختراق الجلد سوى من القرن : الدروع والسيوف شبيهة
بتلك التي عند اليونانيين .
في اللحظة الحاسمة , تم ترتيب الجيش كما يلي , الجناح الأيمن سيطر عليه
الهيبوجيباسيون والملك , محاطين بخيرة المقاتلين الشجعان وكنا من بينهم ,
على اليسار وضعوا اللاشانبتوريون وفي الوسط القوات الحليفة , لكل واحد
رتبته .جيش المشاة صعد الى ستين مليون , وهكذا رتبناهم للمعركة . في هذا
البلد العناكب موجودة بكثرة , وكبيرة جدا , الواحدة أكبر من جزر السيكلاد
اليونانية , أنديميون أمرهم أن ينسجوا قماشا يمتد من القمر إلى نجمة الصبح
, في رمشة عين نفذوا الأوامر , وصار ذلك ميدان معركة رتب فيه الملك جيشه
للمشاة , يرئسه نكتريون ابن الأمير ايديانكس وجنرالان .
الجناح الأيسر للعدو يتكون من هيبومرماك ووسطهم الملك فائتون ,
الهيبومرماك حيوانات مجنحة مماثلة إلى نملنا , فيما عدا الحجم , لأن
أكبرهم حجمه أقل ما يمكن فدانان , ليس فقط الذين يمتطوهم يساهمون في
القتال بل حتى هم يقاتلون بقرونهم . وقيل لنا أن عددهم يقارب خمس مئة ألف
, بالجناح الأيمن نجد الأيروكنوب, ولهم نفس العدد تقريبا , كلهم رماة سهام
ويركبون البراغيش الكبيرة , ورائهم نجد الأيروكوراس , مشاة خفيفة وجنود
مولعين بالقتال , يقذفون عن بعد لفت ضخم بالمقلاع , والذي يصاب بضربة لا
يستطيع المقاومة طويلا , يموت من جراء رائحة التعفن الذي يفوح في الحال من
الجرح , وقيل أنهم يسقون سهامهم بعصير الخُبـّازة , بالقرب منهم اصطف
الكولوميسات , مشاة ضخمة تقاتل عن قرب , وعدده عشرة آلاف . ينادوهم
بالكولوميسات لأنهم يستعملون الفـُطر للوقاية , وسهامهم ذيول الهليون ,
بعد ذلك نجد السينوبلان الذين بعث بهم سكان النجمة الزرقاء سيريوس ,
وعددهم خمسة آلاف , إنهم بشر لهم رؤوس كلاب ويقاتلون من على ظهر السنديان
المجنح !! وقيل لنا ان عدة حلفاء تأخروا , المقلاعيون المامورين من المجرة
البعيدة والنفلوسانتور , هؤلاء سيصلون عندما المعركة لا تكون ثابتة ,
ونتمنى من الآلهة أن لا يصلوا , المقلاعيون لم يظهروا ويدعون أن الملك
فائتون غضب وحرق دولتهم . هكذا كان جيش ملك الشمس .
وصلنا إلى القتال : نشرت الرايات , حمير كلا الجيشين بدأت تنهق , وهم
في الحقيقة يستخدمون كأبواق , وبدأت الاشتباكات , الجناح الأيسر للهليوت
لم يتمكن من الصمود أمام الصدمة التي تلقاها من طرف جنودنا الهيبوجيب ,
طاردناهم ووقعت مجزرة كبيرة , لكن جناحهم الأيمن هزم يسارنا ,
والأيروكونوب هجموا فجأة عليهم , لاحقوهم الى صفوف مشاتنا التي تقدمت
لإنقاذهم وأجبرتهم على الانسحاب الفوضوي , خصوصا عندما أدركوا ان جناحهم
الأيسر إنهزم : الهزيمة صارت عامة , أخذنا الكثير منهم كأسيري حرب , وعدد
كبير منهم قتلوا , الدماء تسيل من كل الجهات فوق السحب , التي صارت مصبوغة
وأخذت لونا أحمر , الذي نراه عند غروب الشمس , وسالت حتى إلى أرضنا , ومن
دون شك , حسب رأيي , بمناسبة بعض الأحداث المشابهة حدثت سابقا في السماء ,
يقول لنا هومير كوكب الزهرة أمطر دما بمناسبة موت سربيدون
لا يوجد أي شك بأن cyrano de bergerac الذي كتب رحلة إلى القمر ورحلة إلى
الشمس نقل عنك وهذا يقوله أهل الغرب ... , كتبوا عن cyrano الكثير وهناك
عدة أفلام عن حياته وأوبيرا وتغنى به الشعراء مثل edmond rostand وغيره ,
ونجدك حيا عند jonathan swift بكتابه Gulliver s travel s ونجدك حيا كذلك
عند طوماس مور وهلبارغ وشكسبير وفولتير وغيرهم .
يقول لوقيان ان الرغبة لترك إسمه للأجيال القادمة جرته لكتابة هذه القصة ,
وفعلا رغبته تحققت عند أكثر الشعوب منذ قرون , لكن بالمشرق مسقط رأسه
..... !!!!.
ويقول لوقيان : لا أملك أي شيء حقيقي أحكيه , نظرا لأنه لم تحدث لي أي
مغامرة جديرة بالإهتمام , سأنطوي على كذبة معقولة أكثر بكثير مما لدى
الآخرين .لأنه لا يوجد في كتابي , أي حقيقة , إلا الإعتراف بكذبي ... ,
لكن هل ما قاله لوقيان منذ ثمانية عشر قرنا أكاذيب ؟؟؟؟ أو هل عاش لوقيان
قبل زمانه ؟
.............................
الرياضيون والذين يدربون أجسامهم لا يهتمون فقط بالحفاظ على قواهم
الطبيعية , ولا يحلمون ويفكرون إلا في التدريبات الرياضية , بل لهم ساعات
للراحة , وينظرون إلى هذه الإستراحة مثل حصة جيدة جدا لتمارينهم , أؤمن
لهذا الحد أن نموذجهم يلائم المثابرين على دراسة الآداب . ليهبوا بعض
الراحة لروحهم بعد ساعات طويلة مكرسة لمطالعات جادة , وجعلها بهذه الطريقة
أشد حيوية لاستئناف أعمالها .
مع ذلك هذه الراحة ستكون نافعة لهم إلا إذا كانت تنطبق على مطالعة نتاج
أدبي لا يسحرهم فقط برحلة روحانية وبساطة سارّة لكن أين يجد المرء العلم
مضموم بالخيال, مثلما سنتعرف عليه, أتمناه, في هذا الكتاب.
حقا , إنه ليس فقط من خلال خصوصية الموضوع ولا بواسطة متعة الفكرة , يجب
أن يُعجب به ولا حتى لأننا نشرنا قصة خيالية بموجب مظهر الإحتمال . إلا أن
لأن كل عصر له ميزة تشير بطريقة هزلية إلى بعض الشعراء السابقين والمؤرخين
أو الفلاسفة, كتبوا قصص رائعة , في إستطاعتي أن أذكر أسمائهم إن لا يمكن
لكم التعرف عليهم بسهولة عند القراءة .
ستيسيا دي سنيد ابن كتيسيوسوش كتب عن الهند وبلدهم أشياء لم يراها ويسمعها
من فم أي شخص كان , جمبول كتب عن وقائع مدهشة نعايشها بالمحيطات , إنه
واضح للجميع على الرغم من ذلك أن هذا العمل قصة خيالية فقط , مع هذا نراه
عمل له سحره وجماله . كثير من الآخرين وقع اختيارهم على مواضيع مشابهة ,
تحدثوا عن أحداث شخصية , سواء مغامرات أو رحلات أين ينشؤون وصف حيوانات
ضخمة , رجال قلوبهم مليئة بالقسوة أو يعيشون بطريقة غريبة . المؤلف والسيد
لكل هذه الوقاحات هو " أوديس – أوديسس " لهومير الذي يروي بألسينوس قصة
عبيد الرياح , رجال لهم عين واحدة يأكلون اللحم النيء وأساليبهم متوحشة
جدا , ثم يأتي دور الوحوش التي لها عدة رؤوس , مسخ المصاحبين لأوديس عن
طريق شراب المحبة , وآلاف أخرى من العجائب يضعها مع حساب فياسين من
الأغنية العاشرة .
ومع ذلك عندما قرأت لهؤلاء المؤلفين لم أتهمهم بجرائم كبرى عن أكاذيبهم
ولا سيما عندما نرى انها عادة مألوفة حتى عند الذين يمارسون مهنة الفيلسوف
, والذي أدهشني وأزعجني دائما هو ظنهم إن كتبوا حكايات وأساطير لن يكتشف
القارئ أكاذيبهم وخدعهم . أنا شخصيا , جررت بواسطة الرغبة ان أترك إسما
للأجيال القادمة , ولا أريد أن أكون الوحيد الذي لا يستغل حرية التظاهر ,
عزمت .. , لا أملك أي شيء حقيقي أحكيه , نظرا لأنه لم تحدث لي أي مغامرة
جديرة بالإهتمام , سأنطوي على كذبة معقولة أكثر بكثير مما لدى الآخرين
.لأنه لا يوجد في كتابي , أي حقيقة , إلا الإعتراف بكذبي . يبدو إلي أني
سأفلت من اللوم الذي وجهته الى الرواة الآخرين وأقرّ بأني لا أكتب كلمة
واحدة حقيقية . سأروي عن أحداث لم أراها أبدا, ومغامرات لم أعايشها
نهائيا. سأضيف أشياء غير موجودة , ولا يمكن أن تكون , وبالتالي من الضروري
أن لا يؤمن القارئ بأي شيء على الإطلاق .
أقلعنا ذات يوم من الأعمدة التذكارية لهرقل في اتجاه المحيط الغربي ورمت
بنا رياح مؤاتية بعرض البحر .الهدف من رحلتي كان غريب وتافه وهو الرغبة في
أن أرى شيئا جديدا: فضلا عن ذلك أردت معرفة حدود المحيط, ومن هم البشر
الذين يعيشون في الشاطئ المقابل. بناء على هذه الخطة , شحنت الكثير من
ذخيرة الأفواه وكمية ماء كافية , انضم إلي خمسون إنسانا صغيري السن في
عمري , ولنا جميعا نفس القصد : جهزت نفسي بعدد كبير من الأسلحة , مقابل
مبلغ مالي كبير تعاقدت مع ربان ليكون مرشدنا , وجهزت سفينتنا التي كانت
سفينة تجارية , كي تتمكن من المقاومة في هذه الرحلة الطويلة والعنيفة .....
خلال يوم وليلة هبت رياح جميلة دون أن تأخذنا إلى عرض البحر وتركتنا
نـُشاهَد من اليابسة, لكن في اليوم التالي عند الشروق صارت النسمة أقوى ,
الأمواج صارت كبيرة , أغلفتنا الظلمة , وليس بالإمكان من إنزال الشراع .
أجبرنا على الاستسلام للرياح وجلدتنا العاصفة خلال تسعة وسبعون يوما , لكن
في اليوم الثمانين عند شروق الشمس شاهدنا على بعد مسافة قصيرة جزيرة
مرتفعة , مغطاة بالأشجار والأمواج تتحرك في اتجاهها بهدوء , قدنا السفينة
صوب الشاطئ , نزلنا , ومثلما يحدث لأناس تم اختبارهم بعنف , تمددنا على
الأرض مدة طويلة . أخيرا نهضنا , اخترنا من بيننا ثلاثون لحراسة السفينة ,
وأخذت العشرون الآخرون ليذهبوا معي لنقوم بالاستطلاع وسط الجزيرة .
وصلنا إلى الغابة , على مسافة ثلاثة غلوات من البحر , رأينا عمودا برنزيا
منقوش عليه بالأحرف اليونانية القديمة كلمات من الصعب قراءتهم , نصفهم
ممحوّ ويقلن : إلى هنا أتى هرقل وباكوس , وبالقرب من هنا على صخرة أثر
قدمين , واحدة حجمها فدان والأخرى أصغر : تخيلت أن الصغيرة لرجل باكوس
والكبرى لهرقل ( 1 )
عبدنا هذان الاثنان النصف الآلهة وواصلنا طريقنا . ما كدنا نمشي بضعة
خطوات حتى نرى نهرا يجري به خمر مشابه لخمر جزيرة شيو : السائل عريضا ,
غارق وصالح للملاحة بعدة أماكن , شعرنا بأننا أكثر رغبة في الإيمان بما هو
منقوش فوق العمود البرنزي , عند رؤية هذه الرموز الواضحة عن رحلة باكوس.
أتتني فكرة لمعرفة منبع هذا النهر , صعدت التيار , ولم أعثر على أي منبع ,
لكن عدد كبير من الداليات مليئة بالعنب . من قدم كل شجرة يسيل قطرة قطرة
خمر شفاف ومنهن يتكون منبع النهر . شاهدنا الكثير من السمك ولهم لون وطعم
الخمر , اصطدنا بعض الأسماك وأكلناهم وسكرونا , ومع ذلك عندما فتحناهم
وجدناهم مليئين بالثقل , ولاحقا أخذنا كل الاحتياطات اللازمة لوقاية أسماك
المياه العذبة من اختلاطها بهذا النوع من الطعام , لكي نصحح القوة فيها .
بعد عبورنا للنهر إلى مكان ممكن عبوره , وجدنا نوعا من العنب مدهش ورائع :
الجذوع قريبة للأرض , سميك ونحيل , من جزئه الأعلى تخرج نساء أجسامهن بدءا
من الحزام لهن جمال كامل مثلما قدمنهن لنا دفنة , يتحولن إلى إكليل الغار
في الوقت الذي يقترب منهن أبولون , في نهاية أصابعهن تنبت أغصان تحمل
عناقيد , رؤوسهن , بدلا من الشعر , لهن غطاء من الحلقات يشكلن الحجنة
والعنب . اقتربنا منهن , رحبن بنا , مدت أياديهن , وتكلمن معنا , من بينهن
من يتكلم لغة الأنضول الليدية , والبعض اللغة الهندية , تقريبا كلهن
باليونانية , وبدأن يقدمن القبل على الشفاه , لكن كل من يتحصل على قبلة
يصبح مخمورا وأحمق على الفور , ومع ذلك لم يسمحن لنا بجمع ثمارهن , وان
تقطف ثمرة يرمين بصيحات كلها ألم , البعض من بينهن استدعونا الى عناق حب ,
إلا ان اثنان من رفاقنا ارتميا بين أحضانهن ولم يتمكنا من التخلص منهن ,
بقيا أسيران الجانب الجنسي مُطعّمان بهذه النساء وأنبتا معهن جذورا , في
لحظة واحدة تغيرت أصابعهم إلى أغصان , وكأنهما سينتجان العنب .
تركناهم وهربنا اتجاه سفينتنا , أخبرنا الذين بقوا بالسفينة الإنمساخ الذي
تعرض له أصدقاؤنا , من الآن فصاعدا مندمجين في الدالية . مع ذلك , تزودنا
ببعض الجرات لتخزين الماء , وغرفنا الخمر من النهر وبقربه قضينا الليلة .
في اليوم التالي عند الفجر وضعنا ثانية الشراع وكان الهواء البحري خفيفا ,
ولكن مع مرور منتصف النهار , عندما اختفت الجزيرة عن الأنظار , فجأة
هاجمتنا بعنف عاصفة من جميع الجهات , بعد أن دومت السفينة قذفتها في
الهواء على ارتفاع ثلاثة آلاف غلوة , ولم تتركها تسقط على البحر . قوة
الرياح , حركت أشرعتنا , ومسكت بزورقنا وعلقته لتقوده, بحيث أننا أبحرنا
في الهواء مدة سبعة أيام وسبع ليال .
في اليوم الثامن شاهدنا في الفضاء أرض كبيرة , نوع من الجزر اللامعة ,
كروية الشكل , ومستنيرة بضوء حاد , رسينا على الشاطئ , نزلنا من السفينة ,
وبعد أن تعرفنا على المدينة وجدناها مأهولة ومتحضرة , خلال النهار لم
نتمكن من مشاهدة أي شيء آخر , إلا أن حالما بدأ الليل , شاهدنا عدة جزر
أخرى مجاورة , البعض أكبر , والآخرون أصغر , لهن كلهن لون النار , وفوقنا
رأينا أرضا أخرى , بها مدن , أنهار , بحور , غابات , جبال : وبدا لنا أنها
الأرض التي نعيش بها .
عندما قررنا الاقتراب من المدينة التقينا بكائنات يلقبن أنفسهن
بهيبوجيباسيون , هؤلاء الهيبوجيباسيون بشر تحملهم نسور كبيرة ويستعملوها
كخيول , لهذه النسور حجم هائل وكلهم تقريبا لهم ثلاثة رؤوس : لإعطاء فكرة
عن حجمهم , أقول , الريشة الواحدة أطول وأضخم من سارية سفينة كبرى للنقل .
للهيبوجيباسيون أوامر بحراسة جزيرتهم وان عثروا على غريب يسلموه للملك ,
أخذونا وقادونا الى حاكمهم , وهذا اعتبرنا , وحكم علينا حسب ثيابنا : "
وقال لنا : أيها الغرباء هل أنتم يونانيون ؟ " وكان ردنا بالإيجاب . " إذا
, كيف وصلتم إلى هنا وعبرتم هذه الفجوة الكبيرة من الفضاء الجوي ؟ " حكينا
له عن مغامرتنا , وهو بدوره عن قصته , وكان إنسان ويدعى أنديميون , في يوم
من الأيام أثناء النوم اختطفوه من أرضنا , وعند وصلوه وضعوه ملكا على هذه
الدولة , إلا أن هذا البلد ليس شيئا آخر سوى ما نسميه بأرضنا بالقمر . طلب
منا أن نلتزم بالشجاعة وأن لا نشعر بالخوف , وسيلبون كل حاجياتنا .
وختاما , أضاف , إن سأصل إلى ما هو جيد , الحرب التي أخوضها ضد سكان الشمس
, زيارتكم ستجعل حياتي سعيدة جدا – من هم هؤلاء الأعداء , سألناه , وما هي
أسباب العداء ؟ فائتون (2 ) , رد علينا , ملك سكان الشمس , لأن الشمس
مأهولة مثل القمر , يحاربنا منذ زمن طويل , لأني جمعت كل فقراء
إمبراطوريتي ونويت ترحيلهم ليؤسسوا مستوطنة بنجمة الصبح , إنها مهجورة
وغير مأهولة . فائتون , حركه الحسد , أراد أن يضع أمامنا عقبات , وفي
منتصف الطريق , حشد أمامنا جيشا من الهيبومرماك , خسرنا الحرب , لتفوق
عددهم , وأظطررنا على التخلي عن المكان , لكن اليوم أريد أن أستأنف الحرب
, وإذا أردتم أن تشاركوني في هذه البعثة , وسأعطي لكل واحد منكم نسرا
ملكيا وباقي المعدات . غدا سنبدأ رحلتنا – مثلما تريدون , كان جوابي .
استبقانا على العشاء ومكثنا بقصره . في الصباح , إستيقضنا , وهيأنا أنفسنا
للمعركة . أبلغنا الجواسيس إقتراب الأعداء , قواتنا تتألف من مئة ألف جندي
, وضف إليهم المساعدين , سائقي الآلات , المشاة والقوات الحليفة : عدد
هؤلاء الأخيرين يصل إلى ثمانين ألف من الخيالة , وعشرون ألف محارب من
المجنحين , نوع من الطيور الكبيرة مغطاة بالخضروات عوض الريش , وأجنحتهم
السريعة تشبه كثيرا أوراق الخسّ , بالقرب منهم تركوا رماة الذرات البيضاء
, وثلاثون ألف من رماة سهام البراغيث , وخمسون ألف من العدائين مثل الرياح
أتوا كحلفاء من نجمة الدب . رماة السهام امتطوا على البراغيث الكبيرة , من
أين لهم اسم ! وهذه البراغيث لهم حجم فيلان , والعدائين مثل الرياح تابعين
لجيش المشاة , تحملهم الرياح وليسوا في حاجة لأجنحة : هكذا , لهم رداء
ينزل إلى الكعبة , يشمروه وعندما تغوص فيه الرياح تجعلهم يطيرون في الهواء
مثل الزورق . أكثرهم يستعمل الدرع في القتال . ويقال أن علاوة على هذا
سيصل من أجسام سماوية فوق كابادوس سبعون ألف نعامة وخمسون ألف كركيّ ,
ولكننا لم نشاهدهم , إنتظرناهم لكنهم لم يصلوا بعد , لا أتجرأ أن أصفهم ,
لأنه ما يقال عنهم يظهر لي وكأنه خرافات لا تصدق . وهكذا تتركب قوات
الأنديميون : كلهم لهم نفس الدروع , الخوذات مصنوعة من الفول الذي نجده في
هذا البلد كبير وصلب , الدروع مجهزة بقشور , مصنوعة من سنفة الترمس
المخيطة , ولا يمكن اختراق الجلد سوى من القرن : الدروع والسيوف شبيهة
بتلك التي عند اليونانيين .
في اللحظة الحاسمة , تم ترتيب الجيش كما يلي , الجناح الأيمن سيطر عليه
الهيبوجيباسيون والملك , محاطين بخيرة المقاتلين الشجعان وكنا من بينهم ,
على اليسار وضعوا اللاشانبتوريون وفي الوسط القوات الحليفة , لكل واحد
رتبته .جيش المشاة صعد الى ستين مليون , وهكذا رتبناهم للمعركة . في هذا
البلد العناكب موجودة بكثرة , وكبيرة جدا , الواحدة أكبر من جزر السيكلاد
اليونانية , أنديميون أمرهم أن ينسجوا قماشا يمتد من القمر إلى نجمة الصبح
, في رمشة عين نفذوا الأوامر , وصار ذلك ميدان معركة رتب فيه الملك جيشه
للمشاة , يرئسه نكتريون ابن الأمير ايديانكس وجنرالان .
الجناح الأيسر للعدو يتكون من هيبومرماك ووسطهم الملك فائتون ,
الهيبومرماك حيوانات مجنحة مماثلة إلى نملنا , فيما عدا الحجم , لأن
أكبرهم حجمه أقل ما يمكن فدانان , ليس فقط الذين يمتطوهم يساهمون في
القتال بل حتى هم يقاتلون بقرونهم . وقيل لنا أن عددهم يقارب خمس مئة ألف
, بالجناح الأيمن نجد الأيروكنوب, ولهم نفس العدد تقريبا , كلهم رماة سهام
ويركبون البراغيش الكبيرة , ورائهم نجد الأيروكوراس , مشاة خفيفة وجنود
مولعين بالقتال , يقذفون عن بعد لفت ضخم بالمقلاع , والذي يصاب بضربة لا
يستطيع المقاومة طويلا , يموت من جراء رائحة التعفن الذي يفوح في الحال من
الجرح , وقيل أنهم يسقون سهامهم بعصير الخُبـّازة , بالقرب منهم اصطف
الكولوميسات , مشاة ضخمة تقاتل عن قرب , وعدده عشرة آلاف . ينادوهم
بالكولوميسات لأنهم يستعملون الفـُطر للوقاية , وسهامهم ذيول الهليون ,
بعد ذلك نجد السينوبلان الذين بعث بهم سكان النجمة الزرقاء سيريوس ,
وعددهم خمسة آلاف , إنهم بشر لهم رؤوس كلاب ويقاتلون من على ظهر السنديان
المجنح !! وقيل لنا ان عدة حلفاء تأخروا , المقلاعيون المامورين من المجرة
البعيدة والنفلوسانتور , هؤلاء سيصلون عندما المعركة لا تكون ثابتة ,
ونتمنى من الآلهة أن لا يصلوا , المقلاعيون لم يظهروا ويدعون أن الملك
فائتون غضب وحرق دولتهم . هكذا كان جيش ملك الشمس .
وصلنا إلى القتال : نشرت الرايات , حمير كلا الجيشين بدأت تنهق , وهم
في الحقيقة يستخدمون كأبواق , وبدأت الاشتباكات , الجناح الأيسر للهليوت
لم يتمكن من الصمود أمام الصدمة التي تلقاها من طرف جنودنا الهيبوجيب ,
طاردناهم ووقعت مجزرة كبيرة , لكن جناحهم الأيمن هزم يسارنا ,
والأيروكونوب هجموا فجأة عليهم , لاحقوهم الى صفوف مشاتنا التي تقدمت
لإنقاذهم وأجبرتهم على الانسحاب الفوضوي , خصوصا عندما أدركوا ان جناحهم
الأيسر إنهزم : الهزيمة صارت عامة , أخذنا الكثير منهم كأسيري حرب , وعدد
كبير منهم قتلوا , الدماء تسيل من كل الجهات فوق السحب , التي صارت مصبوغة
وأخذت لونا أحمر , الذي نراه عند غروب الشمس , وسالت حتى إلى أرضنا , ومن
دون شك , حسب رأيي , بمناسبة بعض الأحداث المشابهة حدثت سابقا في السماء ,
يقول لنا هومير كوكب الزهرة أمطر دما بمناسبة موت سربيدون